كنا صغارا نقصد (بلعباس) من حين لآخر للعب الكرة في الأرض المقابلة لباب المبني اليهودي ، وكنا نقصده في شهر رمضان مساء كل يوم تقريبا ، حيث كان الإسبان قد نصبوا مدفعا ما إن يضيء المصباح في أعلى صومعة الجامع الكبير حتى يطلق طلقته المدوية التي تصم الآذان ، فننطلق في جرينا مسرعين متسابقين نحو منازلنا لنشارك الصائمين تناول الحريرة الرمضانية .. كما كنا نقصد (بلعباس) في مناسبة يهودية لنتسلى برؤية ألسنة النيران تتطاير من البرج السداسي للمبنى اليهودي ، حيث كانوا يلقون أكداسا من الشموع ، وذلك داخل في طقوسهم الوثنية .
أهم من ذلك كله أننا كنا نتداول معلومة ملخصها أن اليهود اشتروا أرض المبنى بخبزة وزيتونة بخدعة منهم لشخص يسمى (بلعباس) .. وكنا نشمئز اشمئزازا ممن يقرن اسم (بلعباس ) بـ (سيدي) ونعتبر من يفعل ذلك قد ارتكب حراما لأن لفظ (سيدي) لا يقترن إلا بأسماء أولياء المسلمين .
أذكر الآن أنني قرأت قبل سنوات عديدة جدا ، خبرا في جريدة الأسبوع الصحفي لمصطفى العلوي، خلاصته أن عددا من رجال الدرك رافقوا عددا من اليهود ، من أصل مغربي إلى أحد الأضرحة في ضواحي صفرو، لحمايتهم أثناء عملية استخراج كنز لهم ، حيث اتضح أن ذلك الضريح لم يكن إلا بناء شكليا يشبه أضرحة المسلمين، نصبوه فوق الحفرة التي أودعوها ممتلكاتهم من الذهب والجواهر وبعض النفائس الأخرى ، قبل هجرتهم إلى فلسطين المحتلة أوائل الستينيات ، تلك الهجرة التي كانت برعاية الدولة المغربية وضمانتها ، وبالموافقة التامة لما يسمى بالأحزاب المغربية .
وقد أطلقوا على ذلك الضريح الوهمي اسما ـ لا أذكره ـ مقرونا بـ (سيدي) زاعمين أنه ولي قديم من أولياء المسلمين ، لإضفاء القدسية الأسطورية على المكان وإبعاد كل الشبهات عن الكنز .
واليوم أيضا أدرك أن اقتران (بلعباس) بـ(سيدي) ليس سوى حيلة يهودية لإضفاء قدسية ما على المكان الذي يمارسون فيه طقوسهم الوثنية الموسمية .
يمكننا الآن أن نتساءل :
أين هم اليهود المغاربة عموما ، والقصريون خصوصا ؟
ما معنى (الحفاظ على تراث) من باعوا وطنهم وهجروه للمساهمة في استعمار فلسطين وتهجير سكانها العرب الأصليين وتقتيلهم وممارسة الإرهاب اليومي على من تبقى منهم فيها ؟؟
ما معنى (الترابط والتلاحم) مع من ثبتت خيانتهم لوطنهم ؟؟؟
نطرح هذه الأسئلة ، لعلها تنبه (بعضهم) إلى أنه لا يليق بهم أن يكونوا أكثر يهودية من اليهود