تشهد بعض الشوارع الرئيسة لمدينة أصيلا، منذ شهور عديدة، حالة من الفوضى المستمرة والمتكررة كل يوم. وتتمثل هذه الفوضى في ظاهرة احتلال الملك العام احتلالا بشعا يضرب بكل الضوابط القانونية عرض الحائط، لا سيما من خلال تصرفات بعض من أصبح يصطلح عليهم ب”الفراشة” الذين يعتبرون من أكبر المستفيدين من الربيع العربي في صيغته المغربية المغايرة لما حدث في كثير من البلدان التي عبرت شعوبها عن وعي عميق وقدرة خارقة على التفاعل مع المرحلة الجديدة ومتطلباتها.
فقد لوحظ أن موجة الربيع العربي كانت لها تداعيات مختلفة ومتباينة داخل مدن المغرب .. وداخل المدينة الصغيرة الجميلة (أصيلا). ومن أخطر تلك التداعيات لجوء كثير من “الفراشة” والتجار إلى عرض بضائعهم ومنتوجاتهم على أرصفة الطرق، وفي مساحات واسعة من ممرات السيارات والدراجات في تحد صارخ للسلطات، واستغلال واضح لصمتها، وتهديد خطير لأغلب المواطنين.
ويكفي أن يقصد المرء شارع الحسن الثاني على سبيل المثال ( أحد أطول شوارع المدينة ) ليقف على هذه الحالة من الفوضى التي يضطر معها الراجلون لمشاركة السيارات والدراجات ممراتها، وهو ما يعد مخاطرة منهم بأرواحهم وتضييقا كبيرا على السائقين في ممراتهم.
ويكفي أن يتوجه أي واحد منا إلى الشارع المذكور في لحظات متأخرة من المساء، أو في ساعات الصباح الباكر، ليشعر بالتقزز من مشهد الأزبال المتراكمة وروائحها العفنة التي تستدعي في مخيلة الكثيرين مشاهد الصيف السعيد وما يعرفه من مهرجانات ولقاءات ثقافية تمنح المدينة صيتا عالميا تتميز به عن كثير من الحواضر المغربية وغير المغربية!!
هذا، ومن الغريب والمريب أن يقف المجلس الجماعي لأصيلا كالمتفرج على هذا الوضع الرديء الذي يشوهُ الطابع الجمالي والوجه الحضاري لمدينة الثقافة والفنون ويخلفُ الحسرة والأسى في نفس كل غيور على المدينة الرائعة غيرة حقيقية ثابتة لا تظهر في موسم دون موسم، بل تستمر في المواسم والفصول كلها.
وبصفتي من أبناء هذه المدينة ومحبيها فقد أحسست بالألم في نفسي يعظم ويتضاعف وأنا أقرأ عن المبادرة الجميلة والعميقة الدلالة التي اتخذتها الجماعة الحضرية لمدينة وجدة، تلك الجماعة التي أثبتت أنها تحترم نفسها، وتقدر سكانها، وتنهض بواجبها إذ عمدت في أواخر شهر غشت الماضي إلى تنظيم حملة ضد احتلال الملك العمومي بوجدة بشراكة وتنسيق مع ولاية الجهة الشرقية، والسلطات المحلية، وولاية الأمن لتخليص المدينة من كل مظاهر الفوضى الناجمة عن احتلال الملك العام.
وبصفتي من أبناء هذه المدينة ومحبيها دائما فإنني أتساءل مع “الأغلبية الصامتة” داخل المدينة : هل لنا أن نحلم بخطوة مشابهة يقدم عليها المجلس البلدي لمدينة أصيلا؟ أم تراه مجلس لا يعنيه أمر تدبير ” السير والجولان وتشوير الطرق العمومية ووقوف العربات” الذي اعتبرته المادة 39 من الميثاق الجماعي من اختصاصات المجالس الجماعية؟؟