تكاد أجواء الاستعداد لرمضان لا تخلو من السطحية والاهتمام بالمظاهر والشكليات، حيث تتوجه أنظار الناس إلى أنواع الأطعمة والمشروبات والألبسة، فيكثر التهافت على اقتناء ما لذ وطاب من خضراوات وفواكه وحلويات وتين وتمور وغيره، ويكثر الإقبال على شراء العصائر المصنعة وتحضير مشروبات منزلية لتناولها عند وجبة الإفطار في رمضان بعد يوم من الصيام .
كما يعرف الحرفيون خصوصا منهم في مجال الخياطة التقليدية، وكذا بائعو الألبسة الجاهزة التي تتناسب وأجواء رمضان، دينامية قوية على المستوى التجاري، ومع تنامي ظاهرة الاستهلاك بشكل مثير، يخيل للمرء وكأن الناس لا تأكل ولا تشرب ولا تلبس إلا في رمضان، سيما وأن حجم الاكتظاظ يتضاعف، وقد يفوق أحيانا الطلب العرض، أو يتساويا معا في ظل الإقبال المكثف.
هل الغاية من شهر رمضان هي الأكل والشراب والملبس؟
بالطبع لا، رمضان هو شهر العبادة بامتياز، هو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وما مظاهر الإستهلاك القوي للمنتوجات الغذائية والأخرى المرتبطة بالأزياء التقليدية إلا إرهاصات لا علاقة لها برمضان أو صيامه، إذ المطلوب بشدة هو الاستعداد الروحي وليس الشكلي، الاستعداد بإعلان التوبة عن ارتكاب المعاصي، وبالمواظبة على الاستغفار والذكر، وبتصفية القلوب وتنقيتها من الأحقاد وأنواع الأمراض الخلقية التي تعكر صفو العلاقات الإنسانية، وبإنهاء الخصومات والمشاحنات وإعلان الصلح …الخ.
فليأكل الناس وليشربوا وليلبسوا لكن ليس على حساب غذاء الروح ولباس التقوى، فكل شيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، والمبالغة في العناية بالشكليات الرمضانية دون الاكتراث بجوهر المناسبة الدينية – التي لا تتكرر إلا شهرا واحدا في السنة وقد يعيشها المرء ثانية أو تفوته بلقاء ربه – أمر يستوجب الوقوف ومراجعة النفس، حرصا على عدم ضياع فرصة رمضان الثمينة باستعداد مزيف يعتني بالقشرة ويرمي اللب.
ريشة الفنان : زكرياء التمالح